فصل: 214- باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.213- باب استحباب قيام رمضان وَهُوَ التراويح:

1187- عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
التراويح سنة، وهي عشرون ركعةً أو أقل أو أكثر، وعشر ركعات إذا خشع فيها ورتل القراءة، أحسن من العشرين بلا خشوع ولا تدبر.
1188- وعنه رضي الله عنه قال: كَانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُرَغِّبُ في قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أنْ يَأمُرَهُمْ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ، فيقولُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه مسلم.
فيه: فضل صلاة التراويح، وأنها ليست بواجب. ولهذا صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال، فلما كثر الناس في الثالثة حتى غص المسجد، تركها خوفًا من أن تفرض عليهم.

.214- باب فضل قيام ليلة القدر وبيان أرجى لياليها:

قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّا أنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ} [القدر: 1] إِلَى آخرِ السورة.
قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ}، أي: القرآن، {فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}، أي: الفضل والشرف، وهي ليلة يقدِّر الله فيها أمر السنَّة في عباده وبلاده إلى السنة المقبلة.
قيل للحسين بن الفضل: أليس قد قدَّر لله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: نعم، قيل: فما معنى ليلة القدر؟ قال: سَوْقُ المقادير التي خلقها إلى المواقيت تنفيذ القضاء المقدَّر.
قال ابن عباس وغيره: أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلًا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} تعظيم لشأنها.
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، أي: العمل فيها أفضل من عبادة ألف شهر.
{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ}، أي: جبريل فيها.
{بِإِذْنِ رَبِّهِم} مع نزول البركة والرحمة.
{مِّن كُلِّ أَمْرٍ}، أي: لأجل كل أمر قُدِّر في تلك السنة.
{سَلامٌ هِيَ}، أي: ليلة القدر، سلام وخير من كلها ليس فيها شر.
وقال مجاهد: يعني أن ليلة القدر سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا ولا أن يحدث فيها أذى.
{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، أي: إلى مطلع الفجر.
وقال الشعبي: تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد حتى يطلع الفجر.
وقال تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} الآياتِ [الدخان: 3].
وتمامها: {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الدخان: 3: 6].
1189- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: أن من قام ليلة القدر مؤمنًا بها ومحتسبًا العمل فيها، أنه يرجى له مغفرة ذنوبه.
1190- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رِجالًا مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ في المَنَامِ في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأتْ في السَّبْعِ الأوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال الحافظ: في الحديث دلالة على عظم قدر الرؤيا، وجواز الاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجودية، بشرط أن لا تخالف القواعد الشرعية.
1191- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ويقول: «تَحرَّوا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأواخرِ منْ رَمَضانَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قوله: «يجاور»، أي: يعتكف في العشر الأواخر يتحرى ليلة القدر فيها.
1192- وعنها رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوَتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». رواه البخاري.
قوله: «في الوتر» أي: الحادية والعشرين، والثالثة، والخامسة، والسابعة، والتاسعة.
قال الحافظ: ليلة القدر منحصرة في رمضان، ثم في العشر الأخير منه، ثم في أوتاره لا في ليلة بعينها، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها. وقال بعد ما ذكر الاختلاف فيها على ستة وأربعين قولًا: وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير، وإنما تنتقل، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبعة وعشرين.
1193- وعنها رضي الله عنها قالت: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ، أحْيَا اللَّيْلَ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئزَرَ. متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: استحباب إحياء ليالي العشر بالصلاة والذكر والفكر وأنواع العابدات.
وفيه: استحباب إيقاظ الأهل، وبذل الجهد في الطاعة، واعتزال النساء في ليالي العشر ليتقوَّى على العبادة.
1194- وعنها قالت: كَانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ في رَمَضَانَ مَا لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ، وَفِي العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْهُ مَا لا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ. رواه مسلم.
فيه: دليل على استحباب زيادة الاجتهاد بالعمل في رمضان على غيره من الشهور، وفي العشر الأواخر منه على العشرين لكون ليلة القدر فيها.
1195- وعنها قالت: قُلْتُ: يَا رسول الله، أَرَأَيْتَ إنْ عَلِمْتُ أيُّ لَيلَةٍ لَيْلَةُ القَدْرِ مَا أقُولُ فِيهَا؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
فيه: إيماء إلى أن أهم المطالب، انفكاك الإنسان من تبعات الذنوب، وطهارته من دنس العيوب.
قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد، وفي التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها، كما تقدم نحوه في ساعة الجمعة.

.215- باب فضل السواك وخصال الفطرة:

1196- عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَوْلا أنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي- أَوْ عَلَى النَّاسِ- لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ.
السواك سنة بالإجماع. وهو مشروع في كل وقت، ويتأكَّد عند الصلاة، والوضوء، وقراءة القرآن، والانتباه من النوم، وتغير الفم.
قوله: «لأمرتهم» يعني أمر إيجاب. وللنسائي: «لفرض عليهم السواك مع كل وضوء».
1197- وعن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِن الليل يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. متفقٌ عَلَيْهِ.
«الشَّوْصُ»: الدَّلْكُ.
في هذا الحديث: استحباب السواك عند القيام من النوم؛ لأنه مقتضي لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة. والسواك آلة تنظيفه.
1198- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كُنَّا نُعِدُّ لِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ أنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوضَّأُ وَيُصَلِّي. رواه مسلم.
في هذا الحديث: مشروعية السواك قبل الوضوء.
1199- وعن أنس رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ في السِّوَاكِ». رواه البخاري.
فيه: الترغيب في السواك، لمبالغته صلى الله عليه وسلم في بيان فضله.
1200- وعن شريح بن هانئٍ، قَالَ: قلت لعائشة رضي اللهُ عنها: بأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قالت: بِالسِّوَاكِ. رواه مسلم.
فيه: ندب السواك عند دخول المنزل.
1201- وعن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: دَخلتُ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَطَرَفُ السِّوَاكِ عَلَى لِسَانِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلمٍ.
في رواية: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وهو يستاك بسواك رطب. قال: وطرف السواك على لسانه وهو يقول: «أع أع»، والسواك في فيه كأنه يتهوع.
قال الحافظ: ويستفاد منه مشروعية السواك على اللِّسان طولًا، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضًا.
وفيه: تأكيد السواك، وأنه لا يختص بالأسنان، وأنه من باب التنظيف والتطيب، لا من باب إزالة القاذورات، لكونه صلى الله عليه وسلم لم يختف به، وبَوَّبُوا عليه استياك الإمام بحضرة رعيته.
1202- وعن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ». رواه النسائي وابنُ خُزَيْمَةَ في صحيحهِ بأسانيدَ صحيحةٍ. وذكر البخاري رحمه الله في صحيحه هذا الحديث تعليقًا بصيغة الجزم وقال: وقالت عائشة رضي الله عنها.
في هذا الحديث: فضل السواك، وفي السواك فوائد دينية ودنيوية. وذكر بعض العلماء، أن السواك يورث السعة والغنى، ويطيب النهكة، ويشد اللثة، ويسكن الصداع، ويذهب وجع الضرس.
1203- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَنَتْفُ الإبطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
«الاستحْدَادُ»: حَلقُ العَانَةِ، وَهُوَ حَلْقُ الشَّعْرِ الَّذِي حَولَ الفَرْجِ.
الفطرة: الجِبِلَّة التي خلق الله الناس عليها، وجبل طباعهم عليها والمراد هنا: السنَّة القديمة التي اختارها الأنبياء.
والحصر في قوله: «الفطرة خمسٌ» مبالغة لتأكيد أمر الخمس المذكورة. كقوله: «الدين النصيحة»، و«الحج عرفة».
1204- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ، وَنَتف الإبْطِ، وَحَلْقُ العَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ» قَالَ الرَّاوِي: وَنَسِيْتُ العَاشِرَةَ إِلا أنْ تَكُونَ المَضمَضَةُ. قَالَ وَكِيعٌ- وَهُوَ أحَدُ رُواتِهِ- انْتِقَاصُ المَاءِ: يَعْنِي الاسْتِنْجَاءِ. رواه مسلم.
«البَرَاجِم» بالباء الموحدةِ والجِيم: وهي عُقَدُ الأَصَابِعِ، وَ«إعْفَاءُ اللِّحْيَةِ» مَعْنَاهُ: لا يَقُصُّ مِنْهَا شَيْئًا.
قال العلماء: ويكره في اللِّحية خصال، بعضها أشد قبحًا من بعض: خضابها بالسواد، وتبييضها بالكبريت، ونتفها وتصفيفها طاقة فوق طاقة، والزيادة فيها، والنقص منها بالزيادة في شعر العذارين من الصدغين، أو أخذ بعض العذار في حلق الرأس، وعقدها، وضفرها، وحلقها.
1205- وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى». متفقٌ عَلَيْهِ.
قوله: «أحفوا الشوارب». قال النووي: أي: أحفوا ما طال منها على الشفتين، و«أعفوا اللِّحى»، أي: وفروا.
قال النووي: حصل من مجموع روايات هذا اللفظ في الصحيحين خمس روايات: «أعفوا»، و«أوفوا»، و«أرخوا»، و«أرجوا»، و«وفروا». ومعناها كلها: تركها على حالها.
وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا». رواه أحمد، والنسائي، والترمذي.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جزُّوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين وفِّروا اللِّحى، وأحفوا الشوارب». متفق عليه. وكان ابن عمر إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه.
وعن عائشة رضي الله عنها، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلًا وشاربه طويل، فقال: «ائتوني بمقص وسواك»، فجعل السواك على طرفه ثم أخذ ما جاوزه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (وقَّت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة، أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة). رواه الخمسة إلا ابن ماجة.